وصلت المفاوضات مع اثيوبيا إلي طريق شبه مسدود

اجتمــــاع رئاســي وساطة خليجية تدخل مجلس الأمن
شدد الخبراء أن تركيا ترسم لاثيوبيا الاستراتيجية الخاصة بسرعة استكمال سد النهضة مؤكدين ان هناك سيناريوهات بديلة جادة علي عكس المفاوضات العبثية التي اتسمت بالفشل حتي الآن وان الحل الأمثل للحفاظ علي حصة مصر من مياه نهر النيل أن يعقد اجتماع رئاسي للدول الثلاث أو وساطة خليجية أو اللجوء لعرض القضية علي مجلس الأمن والأمم المتحدة.
أكد د. نادر نور الدين استاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة ان تركيا ترسم لاثيوبيا الاستراتيجية التي تستخدمها حاليا في استكمال بناء سد النهضة وتضييع الوقت في غفلة من مصر، وهذه  الاستراتيجية هي التي  استخدمتها تركيا مع سوريا والعراق في مفاوضات سد اتاتورك  علي نهر الفرات ،مشيرا إلي انها مفاوضات لا تنتهي ابدا موضحا ان السد بعد انشائه سيتم خصم 25 مليار متر مكعب سنويا من حصة سوريا والعراق، والاستراتيجية التركية التي تتبناها اثيوبيا تهدف  إلي كيفية استهلاك الوقت في مفاوضات عبثية لا تنتهي والايقاع بين المكاتب الاستشارية  بالاضافة إلي ان  الاستراتيجية تهدف  إلي انشاء 4 سدود، مؤكدا ان اثيوبيا تهدف من وراء ذلك تطبيق  المقترح التركي المسمي انابيب السلام  والمقصود بها بيع المياه لإسرائيل.
واشار استاذ الموارد المائية انه تم تنظيم اجتماع في كلية الهندسة جامعة القاهرة لمجموعة اللجنة الوطنية لدول حوض النيل تضم 17 خبيرا من اساتذة الهندسة والزراعة والموارد المائية والسياسة والاقتصاد والقانون الدولي وتم رفع تقرير للرئاسة بعد عرض صور تقدم العمل في سد النهضة وتضم صورا للقرية العمالية وصورا لجسم السد وبعد عرض الصور تبين ان العمل يتم بشكل كبير جدا بخلاف ما هو متوقع وباستعراض صور قرية العاملين بالسد مقارنتها بالسنة الماضية تبين انها اصبحت 3 اضعاف السابقة وعلي حسب التقدير لسعة كل وحدة سكنية ان عدد العمال كان 20 الف عامل ارتفع حاليا إلي 55 الف عامل هذا العام مما يؤكد ان اثيوبيا تريد ان تنتهي من بناء السد بسرعة قبل ان تستفيق مصر وتنتهي  المباحثات ويتحول الامر إلي تقارير مكاتب استشارية يعرض اضرار السد ويكون امرا واقعا.
مكاسب اثيوبية
واوصي د. نادر نور الدين بايقاف هذه المباحثات بعد ان وصلت لمستوي عبثي لا تقدم فيها علي مدار 4 سنوات و7 شهور دون اي خطوة للامام مقارنة بالمكاسب الاثيوبية وان العمل يتقدم في السد دون ان تحصل مصر علي اي ضمانات كتابية بعدم المساس بحصتها المائية من نهر النيل ،بالاضافة إلي البحث عن وساطة دولية من دول الخليج للضغط علي اثيوبيا لعدم الاضرار بحصة مصر من الموارد المائية خاصة ان لهم  استثمارات بـ 30 مليار دولار في اثيوبيا ليعود السد إلي سابق عهده يخزن  14 مليار متر مكعب بدلا من السد الحالي الذي يخزن 64 مليار متر مكعب.
كما اقترح استاذ المياه انه في حالة فشل الوساطة الخليجية لابد من عرض القضية  علي مجلس الامن خاصة ان  القانون الدولي يتفق مع المطالب المصرية ويجب  علي الدولة خلق رأي عام عالمي مؤيد للموقف المصري توضح من خلاله أضرار السد يكون مواجه للجولات التي قامت بها اثيوبيا في اوروبا وامريكا من اجل الترويج للسد وان مصر تحاربهم من أجل ان تصبح دولة فقيرة ضعيفة لذلك لابد ان نوضح تلك الاكاذيب.
ويضيف د. نادر نور الدين انه لابد ان لجنة التفاوض بعد ذلك تعبر ان المياه امن قومي وبالتالي يكون الوفد المصري مكونا من  ممثل للقوات المسلحة وممثل لوزارة الري وللخارجية واساتذة قانون دولي متخصصين في قوانين المياه الدولية ولابد ان تعقد مصر  اجتماعا علي المستوي الرئاسي تعلن فيه  انها لم تسمح باكتمال العمل في السد قبل ان نحصل علي ضمانات في حصتنا من المياه في نهر النيل  مكتوبة وموقعة بين الدول الثلاث.
ويشير إلي ان هناك اخطاء عديدة اصابت الملف منذ انعقاد اجتماع  اللجنة الدولية الاولي والذي اشترطت فيه اثيوبيا ان تقر مصر انه سد تحت الانشاء بالاضافة إلي استبعاد  الخبراء الدوليين المشاركين في المفاوضات والممثلين في  خبير من المانيا في السدود و2 خبراء موارد مائية من انجلترا وفرنسا وخبير للبيئة من جنوب افريقيا وعند صدور تقرير عن اللجنة في مايو اصرت اثيوبيا عدم نشره لانه كان في صالحنا بالكامل لان التقرير يوضح انه سد بني بدون دراسات وهناك مبالغة في سعة تخزينه ومبالغة في ارتفاعه وألزمت اثيوبيا ان يكون تقرير المكتب الاستشاري الذي سيعد الدراسات غير الزامي ومصر وافقت علي ذلك.
كما ان هناك اخطاء اخري ارتكبها المفاوض المصري  في توزيع النسبة بين المكتبين الاستشاريين لتقييم سد النهضة  وان يكون المكتب الفرنسي المؤيد للموقف الاثيوبي هو الرئيسي ويحصل علي 70%من حجم الدراسات ويكون المسئول وحده عن كتابة التقرير النهائي.
اخطاء المفاوضات
واتفق  مع الرأي السابق د. نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري السابق مؤكدا ان مصر لم تستطع التعايش مع تداعيات سد النهضة وهناك العديد من الاخطاء في سير المفاوضات تسببت لما توصلت اليه مصر الآن منها التنازلات من المفاوض المصري بالموافقة علي الطلب الاثيوبي باستبعاد الخبراء الدوليين من اللجنة فتحولت اجتماعات اللجنة  إلي حلبة صراع بدون حكم بالاضافة إلي  التنازل عن القيام بالدراسات الفنية لامان السد  وعدم الاحتجاج علي الخمسة سدود الاخري التي يتم العمل بها حاليا.
واضاف انه لابد من اتخاذ طرق  جديدة تتحرك في مسارين قانوني وسياسي وتحديد البدائل المختلفة لكل مسار وتكون في خطوات متتابعة لكي نثبت للعالم كله ان مصر حاولت بكل السبل حل النزاع سلميا حسب ميثاق الامم المتحدة  وهناك العديد من البدائل تستخدمها مصر منها التحكيم الدولي وتقديم شكوي لمجلس الامن والاتحاد الافريقي توضح  تداعيات سد النهضة الحقيقية علي مصر والاضرار التي ستلحق بها  وهي نقص في حصة المياه ونقص في الكهرباء وتشجيع مزيد من دول حوض النيل  علي بناء السدود دون الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
تصعيد قانوني
ويؤكد د. هاني رسلان رئيس وحدة حوض النيل بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية ان المفاوضات وصلت إلي النهاية  وانها كانت  قائمة علي فكرة شراء الوقت وادخال مصر في متاهات اجرائية بحيث لاتأتي الدراسات الا بعد الانتهاء من السد  وتعتبر المفاوضات مسار عقيم لا يمكن الاستمرار فيه بعد الفشل الذي شهدته في الجولات السابقة وعلي الحكومة الان ان تضم للمسار الفني مسارا سياسيا علي المستوي الرئاسي لمناقشة المشاكل مباشرة تطبيقا للمادة الخامسة من اعلان المبادئ، وان تعلن مصر فشل الجهود التي بذلتها في المفاوضات بالوصول لحلول وسط او غير ذلك وبالتالي تتحرك علي اصعدة متتابعة منسقة علي المستوي القانوني والدبلوماسي والسياسي وتلجأ لمجلس الامن والاتحاد الافريقي وتعلن انها سيقع ضرر شديد  علي مصر بسبب السد وان هناك تعنتا اثيوبيا في المفاوضات السلمية.
ويوضح د. محمود ابو زيد وزير الموارد المائية والري سابقا ان اجتماع رؤساء الدول الثلاثة هو الحل الامثل لانهاء الخلاف وفي حالة فشله يجب ان تسعي الحكومة إلي الوساطة الدولية من دول الخليج او المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي او عرض القضية علي مجلس الامن لاتخاذ قرارات حاسمة لحل الازمة.  
الاتفاقيات الدولية
ويقول د. نبيل احمد حلمي استاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق ان بناء سد النهضة دون اخذ موافقة دول حوض النيل يعد مخالفة صريحة وواضحة للقانون الدولي سواء كان من عدم احترام الاتفاقيات الدولية او احترام اتفاقية الانهار الدولية ويعد العمل الاثيوبي عملا غير مشروع يخالف القواعد القانونية الواضحة في اتفاقية الانهار الدولية وهذا يسبب ضررا علي مصر وتنص اتفاقية الانهار الدولية ان تغيير النهر سواء في زيادة الاستهلاك او تغيير المسار لابد ان يتم بعد اتفاق الدول الواقعة علي حوض نهر النيل لانه يعد نهرا دوليا وليس وطنيا
وفي نفس الوقت هناك اتفاقية عام 1923 تنص علي احقية الدول في التنسيق فيما بينهم وجاءت اتفاقية 1959 وضعت انصبة من حصة النهر لمصر والسودان وهناك بعض الدول تريد الا تعترف بالاتفاقيات الدولية لانها كانت تحت الاحتلال ولكن القانون الدولي في اتفاقية التوارث الدولي يقرر ان تغيير الحكومات لايعفي من الالتزامات القانونية التي التزمت بها الحكومة السابقة واي تغيير لابد ان يتم من خلال الطرق السلمية وموافقة كل الاطراف ولذلك ان عدم التزام اثيوبيا بهذه المبادئ الواضحة وبناء سد يسبب اضرارا لمصر يعد عدوانا ومن حق مصر قانونيا ان تلجأ إلي مجلس الامن لاتخاذ قرارات ضد العدوان الاثيوبي هذه هي الطرق السلمية ومن ممكن ان تستخدم المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة في الدفاع الشرعي بأي طرق قد تكون طرق غير سلمية تحت إشراف الامم المتحدة.
هيئة وطنية
ويري المستشار عبد العاطي الشافعي رئيس جمعية حراس النيل أن  ملف سد النهضة يوضع علي مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي ويتولاه شخصيا ويشكل له هيئة وطنية تدير الملف من كبار القانونيين والسياسيين بجانب الخبراء  الفنيين لانه ليس ملفا فنيا فقط.
وأكد ان القانون الدولي يدعم موقف مصر في قضية سد النهضة خاصة ان هناك اتفاقيتين بين مصر واثيوبيا اولهما عام 1902 اتفاقية اديس ابابا تتعهد بعدم اقامة اي انشاءات علي نهر النيل من شأنها ان تعيق تدفق مياه النهر والثانية بين الرئيس السابق  حسني مبارك ورئيس الوزراء الاثيوبي عام 1993 بالقاهرة تعهد فيها الطرفان ألا يقيما اي اعمال  علي النهر تضر بالطرف الاخر وفي حالة مخالفة الاتفاقيات اللجوء إلي التحكيم الدولي ومحكمة العدل الدولية  ،وبعد فشل المفاوضات يرفع الامر إلي مجلس الامن او الجمعية العامة للامم المتحدة لان هذا النزاع يقع تحت احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة والذي ينص علي ان اي اعمال تمس الامن القومي لأي دولة يلتزم المجتمع الدولي كله بأن يمنعه  ويتصدي له بكل السبل